برشلونة وآرسنال ... أمتع كرة بالعالم!

من حسن حظ الكرة أن العصر مع تطوره وكثرة الفوضى وتعدد الفرق والمستويات والأساليب الأدائية وطرق التدريب، أن هناك من يستطيع أن يفرق بين الغث والسمين – كما يقولون - في هذا السياق، وهذا الشيء من العوامل التي ساهمت في تطور مفاهيم كروية كانت مرتهنة إلى بعض الآراء المتجهة نحو حيز جغرافي أو عرقي أو لغوي أو إثني المعتقد وغيرها من الدوافع وراء تفضيل هذا أو ذاك على حساب من هو أفضل وأجدر بالتقدير والحسبان.

أقول هذا كمقدمة بسيطة ونحن نريد أن نتحدث عن متعة وروعة كرة القدم عندما يكون مصدرها أحد فريقين عريقين هما : برشلونة الإسباني وآرسنال الإنجليزي، وكلا الفريقين يصدران المتعة في أبهج صورها ومضامينها وأشكالها الأدائية وتصل حدا لا يعتقده البشر أن يكون هناك من يستطيع إيصال مثل هذه الروعة من خلال انتشار لاعبين أو من خلال دقة تمرير أو من خلال كذلك مهارات فردية خاصة أو بتلقين مدهش من مدربين مختلفين في فكرهم وتفكيرهم، فالفريق الكاتالوني ظل طيلة أربعة مواسم ماضية ضمن دائرة الأفضل في العالم من حيث القدرة على الاستحواذ على الكرة بشكل لا يستطيع فريق أو حتى منتخب القيام به، وهي نتاج مدارس تدريبية أعطت هذا الجانب ما يستحق بالفريق منذ وصول الإنجليزي بوبي روبسون – الذي توفي قبل أيام - ومرورا بالأساليب الهولندية الساحرة من الساحر يوهان كرويف وغيره من المدربين الهولنديين الذين كان آخرهم المبدع ولاعب الوسط الخارق فرانك رايكارد، وبالتالي فإن ما يقدمه برشلونة وينال ثماره بطولات وإنجازات خارقة وغير مسبوقة أمور موضوعة في حسبان المفكرين والمخططين في نادي برشلونة منذ مطلع القرن الماضي، وليس بمستغرب أن نرى ذلك تحديدا يترسخ في المواسم الخمسة الأخيرة، ولا غرابة أيضا في ما يتحصل عليه برشلونة من ثناء وحب وتشجيع من ملايين الناس من أرجاء المعمورة وجعل منه الفريق الكروي الأكثر شعبية على مستوى العالم بعد أن استأثر على أفضلية ذلك على المستوى المحلي والقاري، إن برشلونة بحضارته الكروية وغير الكروية قد أسس مبدعوه الأوائل حتى وصل الإبداع مداه في الموسم المنصرم ويبدو أنه سيستمر بعد انضمام الفذ الجديد زلاتان ابراهيموفتش ليلتحق بكوكبة الأفذاذ المتوافرين مع الفريق مثل : تشافي وانييستا وميسي وهنري وبوجول ويحيى توريه وسيدو كايتا وغيرهم كثير.

هذا بالنسبة لبرشلونة، أما آرسنال فهو حكاية أخرى، فهذا الفريق متعة مستقلة ليس لها صلة بكرة البلد الذي تلعب فيه، ويكاد لا يختلف عن فريق برشلونة إلا في مسألة الفاعلية والاستثمار والشعبية، ويكاد يكون تاريخ وصول المدرب الأسطورة آرسين فينغر بداية تاريخ جديد لهذا النادي العريق وهو أحد فرق قليلة بإنجلترا لم تهبط عن الدوري الممتاز الانجليزي، وحظي بكافة الألقاب الكروية المحلية، ويتمتع بشعبية داخلية وقارية وعالمية كبيرة، وهذا مرده لاشك الأسلوب الذي يلعب به الفريق اللندني بعد مجيء فينغر وكوكبته التي ارتضاها عناصر لتشكيلاته طيلة أكثر من عقد حتى الآن ويعد هذا المدرب الأسطورة مثال القدرة على صنع أجيال متتابعة وكذلك صنع منهج لعب مختلف عن أي منهج كـروي في العالم، ولعل من يـتابع هـذه الأيام بطولة كأس الإمارات يلحظ ذلك الإبداع الأدائي المثير الذي يقدمه آرسنال مع نجومه الشبان بقيادة القيثارة الروسية آرشفين وبمعاونة الإسباني المبدع فابريغاس والتشيكي روزيسكي وجملة عناصر شابة سيكون لها كلمة في المواسم المقبلة على المستوى المحلي والقاري.
عموما من أراد متعة كروية لا تأثير لعامل النتائج فيها فليس عليه سوى متابعة هذين الفريقين اللذين يعتبران الأمتع والأجمل أداء على مستوى فرق كرة القدم العالمية في الوقت الحاضر..!

* نقلاً عن صحيفة "الوطن" السعودية